ليكن قلبك سليما وخلقك قويما
في حديث عن الامام علي (كرم الله وجهه): (إذا أحب الله عبدا رزقه قلبا سليما وخلقا قويما)، فإن الله الذي يقلب القلوب بإرادته، ويفتحها بلطفه، إذا رأى من
عبده الخير في ذاته، والحق في حركته، هداه إلى الصراط المستقيم الذي يرتفع بمشاعره وأحساسيسه إلى الحب للناس في خط الهداية إليهم، والاهتمام بأمورهم،
فلا ينعقد على البغض والحقد والعداوة، ولا يخفق بالشعر للآخرين، ولا يدخل ذلك في فكره. وهذا ما أراده الله للإنسان الذي يقف بين يديه يوم القيامة كما في قوله
تعالى: (يوم لا مال ولا بنون* إلا من أتى الله بقلب سليم)، فإذا اطلع الله على سلامة قلب المؤمن، فإنه يزيده سلامة وانفتاحا، وهكذا يفيض الله عليه بالطاقة
الروحية والألطاف الإلهية والهداية العقلية والاستقامة العملية، ما يحقق له الانسجام في الخط الأخلاقي الذي ينطلق من أخلاقيته في نفسه ومع ربه ومع الناس
كافة، ومع الحياة كلها، لأن حبه لله الذي يلتقي مع حب الله له، هو الذي يشرق في ذاته، فيبتعد عن كل ظلمة تحجب عنه الحق والخير والإيمان.
وهكذا نجد من ثمرات حب الله للمؤمن، من خلال حب المؤمن له، أنه يرزقه الهداية الروحية والغنى السلوكي والانفتاح على تحويل ذاته إلى غنية بالخير, سائرة
في طريق الحق، عاملة بالصلاح والإصلاح، وهذا هو الرزق الروحي المعنوي الذي يلتقي- في رحمة الله- بالرزق المادي، لأن الله هو الذي يفيض على عباده
بكل نعم الوجود في بعديه الروحي والمادي.
وهكذا تتفاعل المسألة بين العبد المؤمن وربه، حبا من العبد باتباع أوامر الله ونواهيه وامتدادا في طاعة، وحبا من الله بالألطاف الإليهة التي تحقق للمؤمن كل
خير وتخلصه من كل شر، وتقوده إلى سلامة الدارين.