زائر زائر
| موضوع: اجعل ظاهرك مراه حقيقتك 2008-12-09, 18:25 | |
| اجعل ظاهرك مراه حقيقتك
من المطلوب أن يكون الظاهر عنوانا للباطن , بأن يكون المرء صادقا مع نفسه سرا وعلانية , والأفضل من ذلك أن يكون الظاهر حسنا والباطن أحسن منه .
أما الأسوأ فأن يكون الظاهر قناعا جميلا , يتستر به صاحبه , حيث يصبح حينئذ منافقا يخدع نفسه بجلبابه الجميل الذي يسر الناظرين , ليمارس الفساد في سره بشخصه الخبيث .
وكما أن للأيمان درجات , فإن للنفاق درجات أيضا , وكما أن للصدق مراتب , فإن للكذب دركات , ولعل بعض الشر أهون من بعض , من ان الخير بعضه أفضل من غيره. ويصدق ذلك في جميع مجالات حياة الإنسان الإجتماعية , والدينية , والسياسية , والإقتصادية . فلربما يكون المنافق عاملا في المجال السياسي , حيث يتظاهر بالخير , ويبطن الشر , ويوزع على الناس الوعود المعسولة والشعارات البراقة , ويتظاهر بالدفاع عن الحقوق العامة حتى ينتخبه الناس , فإذا جلس على أريكة السلطة بدأ يظلم العباد ويجمع الأموال على حساب الفقراء , ويستخدم وعوده ومظهره قناعا مزيفا لهدف أناني يتجسد في حب السلطة . ولربما يكون المنافق عاملا في المجال الديني , حيث يتظاهر بالألتزام بالتقوى , ويبطن الفسق والفجور , فيتحدث للناس عن الزهد , ولكنه يطمع في المزيد من الدنيا , ويطلب من الناس القناعة و بيمنا كل خلية من خلايا جسمه متعلقة بمصالحها أكثر من تعلق الطفل بثدي أمه , يقول للناس الجستى ويفعل بخلاف ما يقول , يأمرهم بالمعروف , وهو يعمل المنكر , يلبس قناع الدين ليخفي حب الشهوات.
وهذا النوع من الرجال أخطر على حياة الناس ومصالحهم من أي نوع آخر , والسبب أن النفاق الديني يخرب ضمائر الناس , ويمنعهم من الأيمان بالله. فإذا كان التفاق السياسي يخرب العلاقات الإجتماعية بين آحاد الناس , فإن النفاق الديني يخرب العلاقات العبادية بين العباد وربهم , وحسب تعبير الحديث القدسي : (أولئك قطاع طريق عبادي المريدين) لأن من يقف في طريق الله ويتظاهر بالأيمان , لكنه يعمل بخلاف ذلك , سيمنع السائرين في هذا الطريق من مواصلته , لأنهم سيجدون أمامهم نموذجا سيئا للغاية. وفي الحقيقة فإن النفاق لا يسود بلدا إلا وتنعدم فيه الثقة بين المواطنين فيه , ويؤدي الأمر إلى التفكك الإجتماعي من جهة , وانتشار ظاهرة النفاق عند جميع شرائح المجتمع .
فحينما ينافق الحاكم فإن المحكوم سينافق معه , وحينما ينافق التاجر مثلا فإن العملاء أيضا ينافقون معه , وحينما ينافق رجل الدين فإن إتباعه ينافقون معه أيضا.
وهكذا يأخذ الشك مكان الثقة , والنفاق مكان الأيمان , والعمل السئ مكان العمل الصالح , من هنا فإن مشكلة النفاق أخطر من مشكلة الكفر , لأن الذين يكفرون يكشفون عن هويتهم علنا , فيعرفهم الناس على حقيقتهم , أما الذين ينافقون فإنهم مثل فاكهة فاسدة في صندوق من الفواكه الصالحة , إنهم يتغلغلون بين صفوف الناس , ويثبطون من عزائمهم , ويضلونهم عن الصراط السوي , ويزورون عليهم المبادي والمعتقدات.
فالنفاق مرض معد بلا علامات ظاهرة , وهو مثل مرض قاتل لا ألم فيه , فهو لا يكتشف إلا بعد القضاء على صاحبه , يقول الشاعر: يلقاك والعسل المصفى يجتنى من قوله , ومن الفعال العلقم يقول الأمام علي ابن أبي طالب (ع) : (مثل المنافق كالحنظلة الخضرة أوراقها , المر مذاقها) ويقول (ع) : (المنافق قوله جميل , وفعله الداء الدخيل).
ففعل المنافق هو داء يضر مثلما يضر المرض الخفي , ويقول الإمام (ع) أيضا : (قال لي رسول الله (ص) : إني لا أخاف على أمتي مؤمنا ولا مشركا , أما المؤمن فيمنعه الله بأيمانه , وأما المشرك فيقمعه الله بشركه , ولكني أخاف عليكم كل منافق الجبان , عالم اللسان , يقول كما تغرفون ويفعل ما تنكرون).
إن المنافق يعاني من إنفصام في شخصيته , وهو بذلك يظهر غير ما يبطن , ويعيش حالة من التمزق الداخلي , والفساد الجواني , فيحاول التستر عليه بالنفاق البراني , ولذلك فهو يكذب ويخلف ويغدر , ويفجر , وتلك هي علامات المنافق .
يقول رسول الله (ص) : (أربع من من فيه كان منافقا وإن كانت فيه واحدة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : من إذا حدث كذب , وإذا وعد أخلف, واذا عاهد غدر, وإذا خاصم فجر).
|
|
شروق ألادرة
عدد الرسائل : 6336 العمر : 35 الموقع : https://amasy.yoo7.com العمل/الترفيه : القراءة المزاج : من الخطأ أن تنظم الحياة من حولك وتترك الفوضى في قلبك اعلام الدول : تاريخ التسجيل : 05/02/2008
| موضوع: رد: اجعل ظاهرك مراه حقيقتك 2008-12-09, 19:06 | |
| | |
|
الفارس نلئب المشرف العام
عدد الرسائل : 427 العمر : 35 الهوية : اعلام الدول : تاريخ التسجيل : 23/11/2008
| |